أمور كثيرة توجب الإخلاص، وإن كان في ذلك نوع خفاء مناسبة للضمير وإن كان بارزاً بالفعل، فقد خفي على كثير من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين حتى نبههم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا ضممت إليها كلمات البسملة الأربع كانت ثلاثاً وعشرين توازي السنة العاشرة من الهجرة، وهي الثالثة والعشرون من النبوة، وفيها كان استقرار الفتح الأكبر والإخلاص الأعظم بنفي الشرك وأهله من جزيرة العرب لحجة الوداع التي قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها: «إن الشيطان - قد أيس أن يعبد في أرض العرب» ولذلك توفى الله تعالى نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عقبها بعد إظهار الدين وإذلال الكافرين وإتمام النعمة، وقام سبحانه بنصر الأمة وحده بعد أن مهد أسباب النصر بنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى علم قطعاً في الردة وأحوالها، وموج الفتنة وأهوالها، وغلبة رعبها على القلوب وزلزالها، في ذلك الاضطراب الشديد، أنه الإله وحده الذي لا كفوء له لحفظ الدين في حياة نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعده، وكذا فيما بعد ذلك من فتوح البلاد، وإذلال الملوك العتاة الشداد، مع ما لهم من الكثرة والقوة بالأموال والأجناد، والتمكن العظيم في البلاد، وجعل النصر عليهم بأهل الضعف والقلة