وتعالى، وكل ما نوعيته في شخصيته كالعرش والكرسي والشمس والقمر يصح أن يقدر لها نظائر، ولها معنى ثالث وهو التوحيد بالفعل والإيجاد، فيفعل كل ما يريد من غير توقف على شيء، والفرق بين هذا الوجه والذي قبله أن الأول ناظر إلى نفي إله ثان، وهذا ناف لمعين ووزير، وكلاهما وصف ذاتي سلبي، والحاصل أن النظر الصحيح دل على أن لنا موجداً واحداً بمعنى أنه لا يصح أن يلحقه نقص لقسمته بوجه من الوجوه، وبمعنى أنه معدوم النظير بكل اعتبار، ومعنى أنه مستبد بالفعل مستقل بالإيجاد ومتوحد بالصنع منفرد بالتدبير، قضى بهذا شاهد العقل المعصوم من ظلمة الهوى وكثافة الطبع، وورد به قواطع النقل ونواطق السمع، ولهذا كان من أعظم الخلق دعاؤه سبحانه وتعالى لجميع الخلق، وكانت دعوة رسوله الخاتم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للخلق كافة، وقال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في آخر شرحه للأسماء الحسنى في شرحه في بيان رد الأسماء الكثيرة إلى ذات الواحد وسبع صفات الأحد المسلوب عنه النظير، وقال في الشرح المذكور: الواحد هو الذي لا يتجزى ولا يتثنى، أما الذي لا يتجزى فكالجوهر الذي لا ينقسم فيقال عنه: إنه واحد - بمعنى أنه لا جزء له، وكذلك النقطة لا جزء لها، والله تعالى واحد بمعنى أنه يستحيل تقدير الانقسام في ذاته، وأما الذي لا يتثنى فهو الذي لا نظير له كالشمس مثلاً فإنها - وإن كانت قابلة للانقسام بالوهم - متحيزة في ذاتها لأنها من قبيل الأجسام فهي لا نظير لها إلا أنه يمكن لها نظير، وليس في الوجود موجود يتفرد بخصوص وجوده تفرداً


الصفحة التالية
Icon