إليه لأن المقصود بالسياق أنه سبحانه وتعالى يعطي الملك من يشاء ويمنعه من يشاء، والملك - بكسر الميم - أليق بهذا المعنى، وأسرار كلام الله سبحانه وتعالى أعظم من أن تحيط بها العقول، وإنما غاية أولي العلم الاستدلال بما ظهر منها على ما وراءه، وأن باديه إلى الخافي يشير.
ولما أكمل الاستعاذة من جميع وجوهها التي مدارها الإحسان أو العظمة أو القهر أو الإذعان والتذلل، ذكر المستعاذ منه فقال: ﴿من شر الوسواس *﴾ هو اسم بمعنى الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة، والمراد بالموسوس، سمي بفعله مبالغة لأنه صفته التي هو غاية الضراوة عليها كما بولغ في العادل بتسميته بالعدل، والوسوسة الكلام الخفي: إلقاء المعاني إلى القلب في خفاء وتكرير، كما أن الكلمة الدالة عليها «وس» مكررة، وأصلها صوت الحلي، وحديث النفس، وهمس الكلاب، ضوعف لفظه مناسبة لمعناه لأن الموسوس يكرر ما ينفثه في القلب ويؤكده في خفاء ليقبل، ومصدره بالكسر كالزلزال كما قال تعالى: ﴿وزلزلوا زلزالاً شديداً﴾ [الأحزاب: ١١] وكل مضاعف من الزلزلة والرضرضة معناه متكرر، والموسوس من