الناصحين فدلاهما بغرور} [الأعراف: ٢١] ويترشح عن الإعجاب التسخط للقضاء والقدر كما آذن به ﴿قال أأسجد لمن خلقت طيناً﴾ [الإسراء: ٦١] ومقابلة الأمر بالعلم بما أشعر به ﴿لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال﴾ [الحجر: ٣٣]، واستعمال القياس في مقابلة النص بما هدى إليه ﴿أنا خير منه﴾ [الأعراف: ١٢] الآية، واستعمال التحسين والتقبيح بما أفهمه ﴿لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون﴾ والإذلال وهو الجرأة على المخالفات فينشأ عن ذلك شرور متعدية، وهي السعي في إفساد العقائد والأخلاق والأعمال والأبدان والأرزاق، ثم لا يزال يتحبب إلى الإنسان بما يميل إليه طبعه من هذه الخبائث وهو يوافقه فيها حتى يصير له أخلاقاً راسخة، فيصير رديء الطبع فلا ينفع فيه العلاج، بل لا يزيده إلا خبثاً كإبليس، ومن كان أصله طيباً واكتسب ما يخالفه بسبب عارض كان ممكن الإزالة كالعلاج كما وقع لآدم عليه الصلاة والسلام.
ولما كان الملك الأعظم سبحانه لم ينزل داء إلا أنزل له دواء، وكان قد جعل دواء الوسوسة ذكره سبحانه وتعالى، فإنه يطرد الشيطان وينير القلب ويصفيه، وصف سبحانه وتعالى فعل الموسوس عند استعمال الدواء إعلاماً بأنه شديد العداوة للإنسان ليشتد حذره منه وبعده عنه فقال: ﴿الخناس *﴾ أي الذي عادته أن يخنس أي يتوارى ويتأخر