عليهما الصلاة والسلام وما صنعا وما صنع الله لهما بذلك البلد، ومعلوم أن ذكر الصنعة تنبيه على صانعها، فالمقصود القسم بمن جعل البلد على ما هو عليه من الجلال، وخص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما خصه به من الإرسال، وفاوت بين المتوالدين في الخصال، من النقص والكمال وسائر الأحوال، تنبيهاً على ما له من الكمال بالجلال والجمال، ولعله خص هذه الأشياء بالإقسام تسلية للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتثبيتاً له على احتمال الأذى، إشارة إلى أن من كان قد حكم عليه بأنه لا يزال في نكد، كان الذي ينبغي له أن يختار أن يكون ذلك النكد فيما يرضي الله سبحانه وتعالى، وذلك لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في مكة المشرفة في أعظم شدة مما يعانيه من أذى الكفار في نفسه وأصحابه رضي الله عنهم لعلو مقامه، فإن شدة البلاء للأمثل فالأمثل كما مضى مع أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصبر والصفح، وكل والد ومولود في شدة بالوالدية والمولودية، وغير ذلك مما لا يحصى من الأنكاد البشرية، من حين هو نطفة في ظلمات ثلاث في ضيق ممر ومقر ثم ولادة وربط في تابوت وفطام عن الإلف والأهل؟ من المؤدب


الصفحة التالية
Icon