أي يسقى كل من أذن له الملك في ذلك على أهون وجه وأيسره ﴿من عين آنية *﴾ أي بلغت غايتها في الحر فنضجت غاية النضج فصارت إذا قربوها منهم سقط لحم وجوههم، وإذا شربوا قطعت أمعاءهم مما شربوا في الدنيا من كاسات الهوى التي قطعوا باستلذاذهم لها قلوب الأولياء.
ولما ذكر ما يسقونه على وجه علم منه أنه لا يلذذ ولا يروي من عطش، أتبعه ما يطعمونه فقال حاصراً له: ﴿ليس لهم﴾ أي هؤلاء الذين أذابوا أنفسهم في عبادة لم يأذن الله فيها ﴿طعام﴾ أصلاً ﴿إلا من ضريع *﴾ أي يبيس الشبرق، وهو شوك ترعاه الإبل ما دام رطباً، فإذا يبس تحامته، وهو سم، وقال في القاموس: والضريع كأمير: الشبرق أو يبيسه أو نبات رطبه يسمى شبرقاً، ويابسه يسمى ضريعاً، لا تقربه دابة لخبثه، أو شيء في جهنم أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأحرّ من النار، ونبات منتن يرمى به البحر، وقال الهروي في الغريبين وعبد الحق في الواعي: الضريع: الشبرق، وهو نبات معروف بالحجاز ذو شوك، ويقال شبرق ما دام رطباً، فإذا جف فهو ضريع، وقال القزاز في ديوانه: الضريع: يبيس من يبيس الشجر، وقيل: هو يبيس الشبرق خاصة، وقيل: هو نبات أخضر يرمى به البحر وهو منتن.
أبو حنيفة رحمه الله


الصفحة التالية
Icon