ذلك وما تبعه بقوله: ﴿يقول﴾ أي مفتخراً بقدرته وشدته: ﴿أهلكت مالاً لبدا *﴾ ولقصد المبالغة في كثرته جاءت قراءة أبي جعفر بالتشديد على أنه جمع لا بد كركع وراكع فأفهمت أنه بحيث لا يحصى، بل لو جمع لم تسعه الأرض إلا بأن يكون بعضه على بعض فلا يعد ولا يحد، أي وذلك قليل من الكثير الذي معي، قلدت به أعناق الرجال المنن، واستعبدت به الأحرار في كل زمن، فصرت بحيث إذا دعوت كثر الملبي، وإذا ناديت كثر المجيب، وإذا أمرت عظم الممتثل، وفاء لصنائعي الماضية ورغبة في نعمي الباقية، فمن يستعصي عليّ ومن يخالف أمري، فضلاً عن أن يريد إخمال ذكري أو نقص قدري.
ولما كان الشيء لا يعني إلا إذا كان مجهولاً ولو من بعض الجهات، أنكر عليه هذا الظن على تقدير وقوعه فإنه لا يوصل إلى ما ظنه إلا به، بقوله مشيراً إلى شهوته النفسية الرابعة، وهي أن تكون أموره مستورة فلا يظهر على غيه أحد أصلاً: ﴿أيحسب﴾ أي هذا الإنسان العنيد بقلة عقله ﴿أن لم يره﴾ أي بالبصر ولا بالبصيرة في الزمن الماضي ﴿أحد *﴾


الصفحة التالية
Icon