وهو طريق في ارتفاع، عبر عن الخير والشر به لإعلائهما الإنسان عن رتبة باقي الحيوان، ولأن الإنسان لا يختار واحدة منهما إلا بمعاناة وتكلف كمعاناة من يصعد في عقبة، والنجد لغة الموضع العالي، والله تعالى يعلي من أراد على ما شاء منهما بخلاف ما كان يقتضيه ظاهر حاله من أنه لا يحب تكلف شيء أصلاً، ولا يريد الأشياء تأتيه إلا عفواً، وذلك لأجل إظهار قدرته سبحانه وتعالى، أما صعوبة طريق الخير فبما حفه به من المكاره حتى صار العمل به، مع أن كل أحد يعشق اسمه ومعناه، أشد شيء وأصعبه، وأشقه وأتعبه، وأما صعوبة طريق الشر فواضحة جداً مع أن الله يلزمه لمن أراد بتسهيله وتحبيبه وتخفيفه وتقريبه مع أن كل أحد يكره اسمه وينفر من معناه، وجعل الله تعالى الفطرة الأولى السليمة التي فطر الناس عليها من الاستقامة بحيث تدرك الشر وتنهى عنه، وتدرك الخير وتأمر به، غير أن الشهوات والحظوظ تعالجها، والغالب من أعانه الله، وإلى ذلك يشير حديث «إذا لم تستحي فاصنع ما شئت» وحديث «البر ما اطمأنت إليه النفس


الصفحة التالية
Icon