وإنكار الحشر بتلك المنزلة السفلى والمساواة بالجمادات التي عبدوها مع ما له من صفات الكمال التي ليس لغيره ما يداني شيئاً منها، زجراً لهم بالإشارة والإيماء عن ذلك ومشيراً إلى شدة التعجيب منهم لكونها أداة التعجب فقال: ﴿وما بناها *﴾ أي هذا البناء المحكم الذي ركب فيه ما ذكره إشارة إلى ما وراءه مما يعجز الوصف.
ولما ذكر البناء ذكر المهاد فقال: ﴿والأرض﴾ أي التي هي فراشكم بمنزلة محال تصرفاتكم بالعقل في المعاني المقصودة ﴿وما طحاها *﴾ أي بسطها على وجه هي فيه محيطة بالحيوان كله ومحاط بها في مقعر الأفلاك، وهي مع كونها ممسكة بالقدرة كأنها طائحة في تيار بحارها، وهي موضع البعد والهلاك ومحل الجمع - كل هذا بما يشير إليه التعبير بهذا اللفظ إشارة إلى ما في سعي الإنسان من أمثال هذا، قال أهل البصائر: وليس في العالم الآفاقي شيء إلا وفي العالم النفساني نظيره، وانشدوا في ذلك:
دواؤك فيك وما تشعر... وداؤك منك وتستنكر
وتحسب أنك جزء صغير... وفيك انطوى العالم الأكبر
فالسماوات سبع كطباق الرأس التي تتعلق بالقوى المعنوية والحسية