وقد أرشد السياق والسباق واللحاق إلى أن جواب القسم مقدر تقديره: لقد طبع سبحانه وتعالى نفوسكم على طبائع متباينة هيأها بها لما يريد من القلوب من تزكية وتدسية بما جعل لكم من القدرة والاختيار، وأبلغ في التقدم إليكم في تزكية نفوسكم وتطهير قلوبكم لاعتقاد الحشر بما هو أوضح من الشمس لا شبهة فيه ولا لبس لتنجو من عذاب الدنيا والآخرة بالاتصاف بالتقوى، والانخلاع من الفجور والطغوى.
وقال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير: لما تقدم في سورة البلد تعريفه تعالى بما خلق فيه الإنسان من الكبد مع ما جعل له سبحانه من آلات النظر، وبسط له من الدلائل والعبر، وأظهر في صورة من ملك قياده، وميز رشده وعناده ﴿وهديناه النجدين﴾ [البلد: ١٠] ﴿إنا هديناه السبيل﴾ [الإنسان: ٣] وذلك بما جعل له من القدرة الكسبية التي حقيقتها اهتمام أو لم؟ وأنى بالاستبداد والاستقلال، ثم ﴿والله خلقكم وما تعملون﴾ [الصافات: ٩٦] أقسم سبحانه وتعالى في هذه السورة على فلاح من اختار رشده واستعمل جهده وأنفق وجده ﴿قد أفلح من زكاها﴾ وخيبة من غاب هداه فاتبع هواه ﴿وقد خاب من دساها﴾ فبين حال الفريقين وسلوك الطريقين - انتهى.
ولما كان أعجب أمورها الفجور لما غلب سبحانه عليها من الحظوظ والشهوات، وهي تعلم بما لها من زاجر العقل بصحيح النقل أن الفجور