﴿الذكر﴾ أي حساً بآلة الرجل ومعنًى بالهمة والقوة ﴿والأنثى﴾ حساً بآلة المرأة ومعنًى بسفول الهمة وضعف القوة وما دلاّ عليه من عظيم الاصطناع، وباهر الاختراع والابتداع، فإنه دل فرقه بينهما وهما من غير؟ واحدة وهي التراب على تمام قدرته المستلزم لشمول علمه وفعله بالاختيار، فالآية من الاحتباك: ذكر أولاً الصنعة دلالة على حذفها ثانياً، وثانياً الصانع دلالة على حذفه أولاً.
ولما ذكر ما هو محسوس التخالف من المعاني والأجرام، أتبعه ما هو معقول التباين من الأعراض فقال: ﴿إن سعيكم﴾ أي عملكم أيها المكلفون في التوصل إلى مقصد واحد، ولذلك أكده لأنه لا يكاد يصدق اختلاف وجوه السعي مع اتحاد المراد، وعبر بالسعي ليبذل كل في عمله غاية جهده ﴿لشتى *﴾ أي مختلف اختلافاً شديداً باختلاف ما تقدم، وهو جمع شتيت كقتلى وقتيل، فيكون الإنسان رجلاً وهو أنثى الهمة، ويكون أنثى وهو ذكر الفعل، فتنافيتم في الاعتقادات، وتعاندتم في المقالات، وتباينتم غاية التباين بأفعال طيبات وخبيثات، فساع في فكاك نفسه، وساع في إيثامها، فعلم قطعاً أنه لا بد من محق ومبطل ومرض ومغضب لأنه لا جائز أن يكون المتنافيان متحدين


الصفحة التالية
Icon