قال: ﴿وما يغني﴾ أي في تلك الحالة ﴿عنه﴾ أي هذا الذي بخل وكذب ﴿ماله﴾ أي الذي بخل به رجاء نفعه، ويجوز أن يكون استفهاماً إنكارياً فيكون نافياً للإغناء على أبلغ وجه ﴿إذا تردّى *﴾ أي هلك بالسقوط في حفرة القبر والنار، تفعّل من الردى وهو الهلاك والسقوط في بئر.
ولما كان ربما قال المتعنت الجاهل بما له سبحانه وتعالى من العظمة التي لا اعتراض لأحد عليها: ما له لا ييسر الكل للحسنى، استأنف جوابه مبيناً من ألزم به نفسه من المصالح تفضلاً منه بما له من اللطف والكرم وما يفعله مما هو له من غير نظر إلى ذلك بما له من الجبروت والكبر، فقال مؤكداً تنبيهاً على أنه يحب العلم بأنه لا حق لأحد عليه أصلاً: ﴿إن علينا﴾ أي على ما لنا من العظمة ﴿للهدى *﴾ أي البيان للطريق الحق وإقامة الأدلة الواضحة على ذلك.
ولما بين ما ألزمه نفسه المقدس فصار كأنه عليه لتحتم وقوعه فكان ربما أوهم أنه يلزمه شيء، أتبعه ما ينفيه ويفيد أن له غاية التصرف فلا يعسر عليه شيء أراده فقال: ﴿وإن لنا﴾ أي يا أيها المنكرون خاصاً بنا، وقدم ما العناية به أشد لأجل إنكارهم لا للفاصلة، فإنه يفيدها مثلاً أن يقال: للعاجلة والأخرى، فقال: ﴿للآخرة والأولى *﴾


الصفحة التالية
Icon