الذي أوجده ورباه وأحسن إليه بحيث إنه لم ير إحساناً إلا منه ولا عنده شيء إلا وهو من فضله ﴿الأعلى *﴾ أي مطلقاً فهو أعلى من كل شيء، فلا يمكن أن يعطي أحد من نفسه شيئاً يقع مكافأة له، وعبر عن المنقطع بأداة المتصل للإشارة إلى أن الابتغاء المذكور كأنه نعمة ممن آتاه المال لأن الابتغاء - وهو تطلب رضا الله - كان السبب في ذلك الإيتاء بغاية الترغيب، وقد آل الأمر بهذه العبارة الرشيقة والإشارة الأنيقة مع ما أومأت إليه من الترغيب، وأعطته من التحبيب إلى أن المعنى: إنه لا نعمى عليه لأحد في ذلك إلا الله، وعبر بالوجه إشارة إلى أن قصده أعلى القصود فلا نظر له إلا إلى ذاته سبحانه وتعالى التي عبر عنها بالوجه لأنه أشرف الذات، وبالنظر إليه تحصل الحياة والرغبة والرهبة، لا إلى طلب شيء من دنيا ولا آخرة.
ولما كان هذا مقاماً ليس فوقه مقام، قال تعالى بعد وعده من الإنجاء من النار: ﴿ولسوف يرضى *﴾ أي بإعطاء الجنة العليا والمزيد بوعد لا خلف فيه بعد المذلة في الحياة الطيبة - بما أشارت إليه أداة التنفيس ولا بدع أن