من مواصلة الغم القابض للنفس عن مراداتها، فلذلك سوغنا لكم قتلهم قصاصاً بسبب إخراجكم، فكان المراد بالذات إخراجهم لتمكن الحج والاعتمار ولكنه لما لم يمكن إلا بقتالهم وقتلهم أذن فيهما وقد كشف الواقع في أمر: عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وعبد الله بن أبي ربيعة أن الإخراج من مكة لينهم للإسلام أكثر من تليين القتل فإنهم أسلموا لما أشرفوا على فراق مكة بظهور الإسلام فيها ولم يسلم أحد من قريش خوفاً من القتل، فلكون السياق لإخراجهم عبر هنا أشد.
ولما كان الإذن في الإخراج مستلزماً في العادة للقتال وكان قد أذن في الابتداء به حيث ثقفوا خصص ذلك فقال ناظراً إلى المقاصّة أيضاً ومشيراً إلى ما سيقع في غزوة الفتح المشار إليها بقوله بعد ﴿وكفر به والمسجد الحرام﴾ [البقرة: ٢١٧] ﴿ولا تقاتلوهم﴾ أي هؤلاء الذين أذن لكم في إخراجهم ﴿عند المسجد الحرام﴾ أي الحرم إذا أردتم إخراجهم فمانعوكم ﴿حتى يقاتلوكم فيه﴾ أي في ذلك الموضع الذي هو عند المسجد،


الصفحة التالية
Icon