ممكن الوقوع وليس يلزم العمل به فالإلزام تكليف ما لا يطاق وإلزام العمل يستلزم البيان وإلا عاد ذلك الممتنع، وتأخير بيان المجمل إلى وقت الإلزام ممكن، لأن في ذلك تناسب حكمة الوحي المنزل بحكمة العالم المكون، فإن الإجمال في القرآن بمنزلة نطق الأكوان والبيان فيه بمنزلة تخطيط الصور وذلك ظاهر عند من زاوله، وحينئذ فلا يقال: خطاب الإجمال عديم الفائدة لأنه يفيد تدريج حكمة التنزيل وتحصيل بركة التلاوة، وفي الاقتصار على بيانه نمط من فصاحة الخطاب العربي حيث لم يكن فيه ذكر الممثولين اكتفاء بأحدهما عن الآخر، ففيه تأصيل لأصل البيان من الإفهام حيث لم يقل: من الليل، كما قال: من الفجر، اكتفاء بما في الفهم من الذكر، وفي وقوع المبين إثر غير مثله نمط آخر من فصاحة الخطاب العربي لأن العرب يردون الثالث إلى الأول لا إلى الثاني ليتعلق بالأول في المعنى وينتظم بالثاني في اللفظ فيكون محرز المحل المفهوم راجعاً إلى الأول بالمعنى - انتهى. وأوضح دليل على إيجاب التبييت أمره بالإتمام، فإنه لما وقع الشروع فيه فالتقدير: فإذا تبين الفجر الذي أمرتم بمراقبته


الصفحة التالية
Icon