الأحكام أما في المناهي فصريحاً وأما في الأوامر فلزوماً وتقدم فيها لأن حمله سبحانه وتعالى في الأرض محارمه نبه على تعظيمها وتأكيد تحريمها باستئناف قوله مشيراً بأداة البعد: ﴿تلك﴾ أي الأحكام البديعة النظام العالية المرام ﴿حدود الله﴾ وذكر الاسم الأعظم تأكيداً للتعظيم، وحقيقة الحد الحاجز بين الشيئين المتقابلين ليمنع من دخول أحدهما في الآخر، فأطلق هنا على الحكم تسمية للشيء باسم جزئه بدلالة التضمن وأعاد الضمير على مفهومه المطابق استخداماً فقال: ﴿فلا تقربوها﴾ معبراً بالقربان، لأنه في سياق الصوم والورع به أليق، لأن موضوعه فطام النفس عن الشهوات فهو نهي عن الشبهات من باب «من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه» فيدخل فيه مقدمات الجماع فالورع تركها.
ولما علا هذا البيان إلى حد لا يدركه حق إدراكه الإنسان كان كأنه قال دهشاً: هل يحصل بيان مثله لشيء غير هذا؟ فقيل بياناً للواقع وتشويقاً إلى التلاوة وحثاً على تدبر الكتاب الذي هو الهدى لا ريب فيه: ﴿كذلك﴾ أي مثل هذا البيان العلي الشأن ﴿يبين الله﴾ لما


الصفحة التالية
Icon