أمره ومضى زمانه حال كون الكل ﴿هدى﴾ أي بياناً، ولذا عم فقال: ﴿للناس﴾ وأما في أول البقرة فبمعنى خلق الهداية في القلب، فلذا خص المتقين؛ والحاصل أن هذه الآية كالتعليل لآخر البقرة فكأنه قيل: كل آمن بالله لأنه متفرد بالألوهية، لأنه متفرد بالحياة، لأنه متفرد بالقيومية؛ وآمن برسله الذين جاؤوا بكتبه المنزلة بالحق من عنده بواسطة ملائكته.
ولما كانت مادة «فرق» للفصل عبر بالإنزال الذي لا يدل على التدريج لما تقدم من إرادة الترجمة بالإجمال والتفصيل على غاية الإيجاز لاقتضاء الإعجاز، وجمع الكتابين في إنزال واحد واستجد لكتابنا إنزالاً تنبيهاً على علو رتبته عنهما بمقدار علو رتبه المتقين الذين هو هدى لهم، وبتقواهم يكون لهم فرقان على رتبة الناس الذين هما هدى لهم فقال تعالى: ﴿وأنزل الفرقان *﴾ أي الكتاب المصاحب للعز الذي يكسب صاحبه قوة التصرف فيما يريد من الفصل والوصل الذي هو وظيفه السادة المرجوع إليهم عند الملمات، المقترن بالمعجزات الفارقة بين الحق والباطل، وسترى هذا المعنى إن شاء