وقال الحرالي: فكان في إلاحة هذه الآية توزيع أمر الإظهار على ثلاثة وجوه تناظر وجوه التقدير الثلاثة التي في فاتحة سورة البقرة، فينتج هدى وإضلالاً وإلباساً أكمل الله به وحيه، كما أقام بتقدير الإيمان والكفر والنفاق خلقه فطابق الأمر الخلق فأقام الله سبحانه وتعالى بذلك قائم خلقه وأمره، فكان في انتظام هذه الإفهامات أن بادي الأحوال الظاهرة عند انتهاء الخلق إنما ظهرت لأنها مودعة في أصل التصوير فصورة نورانية يهتدي بها وصورة ظلمانية يكفر لأجلها، وصورة ملتبسة عيشية علمية يفتتن ويقع الإلباس والالتباس من جهتها، مما لا يفي ببيانها إلا الفرقان المنزل على هذه الأمه، ولا تتم إحاطة جميعها إلا في القرآن المخصوصة به أئمة هذه الأمه انتهى.
فقد علم أن التصوير في الرحم أدق شيء علماً وقدرة، فعلم فاعله بغيره والقدرة عليه من باب الأولى فثبت أنه لا كفوء له؛ فلذلك وصل به كلمه الإخلاص وقال الحرالي: ولما تضمنت إلاحة هذه الآية ما تضمنته من الإلباس والتكفير أظهر سبحانه وتعالى كلمه الإخلاص ليظهر نورها أرجاس تلك الإلباسات وتلك التكفيرات فقال: ﴿لا إله إلا هو﴾


الصفحة التالية
Icon