ابن البشر قال كذا يعني نفسه الكريمة، فحيث نسب نفسه إلى البشر كان مريداً للحقيقة، لأنه ابن امرأة منهم، وهو مثلهم في الجسد، والمعاني حيث نسبها إلى الله سبحانه وتعالى كان على المجاز كما تقدم. وأما السجود فقد ورد في التوراة كثيراً لأحاد الناس من غير نكير، فكأنه كان جائزاً في شرائعهم فعله لغير الله سبحانه وتعالى على وجه التعظيم والله سبحانه وتعالى أعلم، وأما نحن فلا يجوز فعله لغير الله، ولا يجوز في شريعتنا أصلاً إطلاق الأب ولا الابن بالنسبة إليه سبحانه وتعالى، وكذا كل لفظ أوهم نقصاً سواء صح أن ذلك كان جائزاً في شرعهم أم لا، وإذا راجعت تفسير البيضاوي لقوله سبحانه وتعالى في البقرة ﴿إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون﴾ [البقرة: ١١٧] زادك بصيرة فيما هنا؛ والحاصل أنهم لم يصرفوا ذلك في حق عيسى عليه الصلاة والسلام عن ظاهره وحقيقته وتحكموا بأن المراد منه المجاز وهو هنا إطلاق اسم الملزوم على اللازم، وكذا غيره من متشابه الإنجيل، كما فعلنا نحن بمعونة الله سبحانه وتعالى في وصف الله سبحانه وتعالى بالرضى والغضب والرحمة والضحك وغير ذلك مما يستلزم حمله على الظاهر وصفات المحدثين، وكذا ذكر اليد والكف والعين ونحو ذلك


الصفحة التالية
Icon