بالأوصاف العليا والأسماء الحسنى مما يمكنهم اعتباره تعجيزاً، فجاوزوا حدود التعلم بالإعلام إلى عجز الإدراك فعرفوا أن لا معرفة لهم، وذلك هو حد العرفان وإحكام قراءة هذا الحرف المتشابه في منزل القرآن، وتحققوا أن ﴿ليس كمثله شيء﴾ [الشورى: ١١] و ﴿لم يكن له كفواً أحد﴾ [الإخلاص: ٤] فتهدفوا بذلك لما يفتحه الله على من يحبه من صفاء الإيقان، والله يحب المحسنين. ثم قال فيما به تحصل قراءة هذا الحرف: اعلم أن تحقيق الإسلام بقراءة حرف المحكم لا يتم إلا بكمال الإيمان بقراءة حرف المتشابه تماماً لأن حرف المحكم حال يتحقق للعبد. ولما كان حرف المتشابه إخباراً عن نفسه سبحانه وتعالى بما يتعرف به لخلقه من أسماء وأوصاف كانت قراءته بتحقق العبد أن تلك الأسماء والأوصاف ليست مما تدركه حواس الخلق ولا ما تناله عقولهم، وإن أجرى على تلك الاسماء والأوصاف على الخلق فيوجه، لا يلحق أسماء الحق ولا أوصافه منها تشبيه في وهم ولا تمثيل في عقل ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾ [الشورى: ١١]، ﴿ولم يكن له كفواً أحد﴾ [الإخلاص: ٤]، فلاذي يصح به قراءة هذا الحرف أما من جهة القلب