الأظهر لهم مآل تجليه الأخفى عنهم؛ فكان كل أقرب للخلق من غيب خلق وقائم أمر وعلى تجل إبلاغاً إلى ما وراءه فكان تأويله، فلم تكن الإحاطة بالتأويل المحيط إلا لله سبحانه وتعالى. ولما ذكر الزائغين ذكر الثابتين فقال: ﴿والراسخون في العلم﴾ قال الحرالي: وهم المتحققون في أعلام العلم من حيث إن الرسوخ النزول بالثقل في الشيء الرخو ليس الظهورعلى الشيء، فلرسوخهم كانوا أهل إيمان، ولو أنهم كانوا ظاهرين على العلم كانوا أهل إيقان، لكنهم راسخون في العلم لم يظهروا بصفاء الإيقان على نور العلم، فثبتهم الله سبحانه وتعالى عند حد التوقف فكانوا دائمين على الإيمان بقوله: ﴿يقولون آمنا به﴾ بصيغة الدوام انتهى أي هذا حالهم في رسوخهم.
ولما كان هذا قسيماً لقوله: ﴿وأما الذين في قلوبهم زيغ﴾ كان ذلك واضحاً في كونه ابتداء وأن الوقوف على ما قبله، ولما كان هذا الضمير محتملاً للمحكم فقط قال: ﴿كل﴾ أي من المحكم والمتشابه. قال الحرالي: وهذه الكلمة معرفة بتعريف الإحاطة التي أهل النحاة ذكرها في وجوه التعريف إلا من ألاح معناها منهم