يكون إرادة منه سبحانه وتعالى وإن لم يكن على القطع بأنه إرادة: ﴿وما يذكر﴾ أي من الراسخين بما سمع من المتشابه ما في حسه وعقله من أمثال ذلك ﴿إلا أولوا الألباب*﴾ قال الحرالي: الذين لهم لب العقل الذي للراسخين في العلم ظاهره، فكان بين أهل الزيغ وأهل التذكر مقابلة بعيدة، فمنهم متذكر ينتهي إلى إيقان، وراسخ في العلم يقف عند حد إيمان، ومتأول يركن إلى لبس بدعة، وفاتن يتبع هوى؛ فأنبأ جملة هذا البيان عن أحوال الخلق بالنظر إلى تلقي الكتاب كما أنبأ بيان سورة البقرة عن جهات تلقيهم للأحكام انتهى.
ولما علم بذلك أن الراسخين أيقنوا أنه من عند الله المستلزم لأنه لا عوج فيه أخبر أنهم أقبلوا على التضرع إليه في أن يثبتهم بعد هدايته ثم أن يرحمهم ببيان ما أشكل عليهم بقوله حاكياً عنهم وهو في الحقيقة تلقين منه لهم لطفاً بهم مقدماً ما ينبغي تقديمه من السؤال في تطهير القلب عما لا ينبغي على طلب تنويره بما ينبغي لأن إزالة المانع قبل إيجاد المقتضي عين الحكمة: ﴿ربنا﴾ أي المحسن إلينا