الدأب العادة الدائمة التي تتأبد بالتزامها، وآل الرجل من إذ أحصر تراءى فيهم فكأنه لم يغب؛ وفرعون اسم ملك مصر في الكفر، ومصر أرض جامعة كليتها وجملة، إقليمها نازل منزلة الأرض كلها، فلها إحاطة بوجه ما، فلذلك أعظم شأنها في القرآن وشأن العالي فيها من الفراعنة، وكان الرسول المبعوث إليه أول المؤمنين بما وراء أول الخلق من طليعة ظهور الحق لسماع كلامه بلا واسطة ملك، فكان أول من طوى في رتبة بنوتة رتبة البنوة ذات الواسطة، فلذلك بدىء به في هذا الخطاب لعلو رتبة بنوته بما هو كليم الله ومصطفاه على الناس، ولحق به من تقدمهم بما وقعت في بنوته من واسطة زوج أو ملك، وخص آله لأنه هو كان عارفاً بأمر الله سبحانه وتعالى فكان جاحداً لا مكذباً انتهى.
﴿والذين﴾ ولما كان المكذبون إنما هم بعض المتقدمين أدخل الجار فقال: ﴿من قبلهم﴾ وقد نقلت إليكم أخبارهم وقوتهم واستظهارهم فكأنه قيل: ماذا كانت عادتهم؟ فقيل: ﴿كذبوا﴾ ولما كان التكذيب موجباً للعقوبة


الصفحة التالية
Icon