وأن ذلك على وجه لا انقطاع له. قال الحرالي: وفي معنى لفظ الخلود إعلام بسكون الأنفس إليها لما فيها من موافقتها انتهى. ولعله إنما خص من بين ما تقدم من الشهوات ذكر النسوان في قوله: ﴿وأزواج﴾ لأنها أعظم المشتهيات، ولا يكمل التلذذ بها إلا بحصول جميع ما يتوقف ذلك عليه، فصار ذكرهن على سبيل الامتنان من القادر كناية عن جميع ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين.
ولما كانت التقوى حاملة على تطهير الأنفس من أوضار الأدناس من الأوصاف السيئة وكان الوصف بالمفرد أدل على أنهن في أصل الطهارة كأنهن نفس واحدة قال عادلاً عما هو الأولى من الوصف بالجمع لجمع من يعقل: ﴿مطهرة﴾ لأنهن مقتبسات من أنفسهم ﴿خلق لكم من أنفسكم أزواجاً﴾ [الروم: ٣١].
ولما ذكر حظ البدن قرر لذة هذا النعيم بما للروح، وزاده من الأضعاف المضاعفة ما لا حد له بقوله: ﴿ورضوان﴾ قال الحرالي: بكسر الراء وضمها، اسم مبالغة في معنى الرضى، وهو على عبرة امتلاء بما تعرب عنه الألف والنون وتشعر ضمة رائه بظاهر إشباعه، وكسرتها بباطن إحاطته - انتهى.


الصفحة التالية
Icon