وتعالى بقوله: ﴿العزيز الحكيم *﴾ دليلاً على قسطه، لأنه لا يصح أبداً لذي العزة الكاملة والحكمة الشاملة أن يتصرف بجور، وعلى وحدانيته، لأنه لا يصح التفرد بدون الوصفين وليسا على الإطلاق لأحد غيره أصلاً، ولما كانت الآيات كلها في الإيقاع بالكافرين قدم الوصف الملائم لذلك.
قال الحرالي: وقسط الله هو إخفاء عدله في دار الدنيا من حيث إنه خفض ورفع، يعادل خفضه رفعه ورفعه خفضه، فيؤول إلى عدل، ويراه بذلك في حال تفاوته كل ذي لب بما أنه عزيز يظهر عزته فيما يرفع، حكيم يخفي معنى حكمه فيما يخفض، فكل ما هو باد من الخلق جود فهو من الله سبحانه وتعالى قسط، طيته عدل، سره سواء، فيظهر عزته فيما حكم انتقاماً وحكمته في الموازنة بين الأعمال والجزاء عدلاً - انتهى.
ولما كان ذلك علم أنه يجب أن تخضع له الرقاب ويخلص له التوحيد جميع الألباب وذلك هو الإسلام فقال معللاً للشهادة منهم بالعدل - وقراءة الكسائي بالفتح أظهر في التعليل: ﴿إن الدين﴾ واصله الجزاء، أطلق هنا على الشريعة لأنها مسببة ﴿عند الله﴾


الصفحة التالية
Icon