﴿للذين أوتوا الكتاب﴾ أي عامة من هؤلاء النصارى الذين يجادلونك ومن اليهود أيضاً ﴿والأمّيّن﴾ الذين لا كتاب لهم، مشيراً بالاستفهام إلى عنادهم منكراً عليهم موبخاً لهم: ﴿ءأسلمتم فإن أسلموا﴾ عند ذلك ﴿فقد اهتدوا﴾ فنفعوا أنفسهم في الدنيا والآخرة، وفي صيغة «افتعلوا» ما يليح إلى أن الأنفس مائلة إلى الضلال زائغة عن طريق الكمال ﴿وإن تولوا﴾ أي عن الإسلام فهم معاندون فلا يهمنك أمرهم ﴿فإنما عليك البلاغ﴾ أي وعليهم وبال توليهم، وفي بنية التفعل ما يومىء إلى أن طرق الهدى بعد البيان آخذ محاسنها بمجامع القلوب، وأن الصادف عنها بعد ذلك قاهر لظاهر عقله وقويم فطرته الأولى برجاسة نفسه واعوجاج طبعه.
ولما كان التقدير: فالله يوفق لقبول البلاغ عنك من علم فيه الخير، وينكب عنه من علم فيه الشر، عطف عليه قوله: ﴿والله﴾ أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿بصير بالعباد﴾ أي فهو يوفق من خلقه للخير منهم ويخذل غيره. لا يقدر على فعل ذلك غيره، ولا يقدر أحد غيره أن يفعل غير ذلك.
ولما أشرك اليهود في هذا الخطاب وأفهم شرط التولي بأداة


الصفحة التالية
Icon