كان المقام هنا لتناهي اجترائهم على العظائم لاستهانتهم بالعذاب لاستقصارهم لمدته والتصريح بقتل الآمرين بالقسط عامة وبحبوط الأعمال، وكان جمع القلة قد يستعار للكثرة أكدت إرادتهم حقيقة القلة بجمع آخر للقلة، فقيل على ما هو الأولى من وصف جمع القلة لما لا يعقل بجمع جبراً له: ﴿معدودات﴾ وتطاول الزمان وهم على هذا الباطل حتى آنسوا به واطمأنوا إليه لأنه ما كذب أحد بحق إلا عوقب بتصديقه بباطل، وما ترك قوم سنة إلا أحيوا بدعة، على أن كذبهم أيضاً جرهم إلى الاستهانة بعذاب الله الذي لا يستهان بشيء منه ولو قل.
ولما نسبوا ذلك إلى الكتاب فجعلوه ديناً قال: ﴿وغرَّهم﴾ قال الحرالي: من الغرور وهو إخفاء الخدعة في صورة النصيحة - انتهى ﴿في دينهم ما كانوا﴾ أي بما هيؤوا له وجبلوا عليه ﴿يفترون *﴾ أي يتعمدون كذبة، قال الحرالي: فتقابل التعجيبات في ردهم حق الله سبحانه وتعالى وسكونهم إلى باطلهم - انتهى.


الصفحة التالية
Icon