بما أسلم وجهه لله، فلذلك اختص وعيد القرآن كله بالنفس في نفاستها بإرادتها وما تنشأ لها عليه من أحوالها وأفعالها ودعواها في ملكها ومُلكها، فمتى نفست فتملكت ملكاً أو تشرفت مُلكاً خرجت عن إسلامها حتى ينالها سلب القهر منه وإلزام الذل عنه، وبلمح من هذا المعنى اتصلت الآية التي بعدها بختم هذه الآية وناظرت رأس آية ذكر الإسلام، فإنما هو مسلم لله وذو نفس متملك على الله حتى يسلبه الله في العقبى أو يذله في الدنيا، فشمل هذا الوفاء لكل نفس أهل الكتاب وغيرهم، وعم الوفاء لكل من يعمه الجمع، كذلك خطاب القرآن يبدأ بخصوص فيختم بعموم، ويبدأ بعموم فيثنيه تفصيل - انتهى.
ولما كان هذا الجزاء شاملاً للخير والشر قال: ﴿ما﴾ أي جزاء ما ﴿كسبت﴾ فأتى به مخففاً ليشمل المباشرة بكسب أو اكتساب، وأنث الفعل مع جواز التذكير مراعاة للفظ كل إشارة إلى الإحاطة بالأفعال ولو كانت في غاية الحقارة، وراعى معنى «كل» للوفاء بالمعنى مع موافقة الفواصل ﴿وهم لا يظلمون *﴾ أي لا يقع عليهم ظلم


الصفحة التالية
Icon