ولما كان النبي لا يكون إلا صالحاً لم يعطف بل قال: ﴿من الصالحين *﴾ إعلاماً بمزية رتبة الصلاح واحترازاً من المتنبيين، فكأنه قيل: فما قال حين أجابه ربه سبحانه وتعالى؟ فقيل: ﴿قال﴾ يستثبت بذلك ما يزيده طمأنينة ويقيناً وسكينة ﴿رب﴾ أي أيها المحسن إلي.
ولما كان مطلوبه ولداً يقوم مقامه فيما هو فيه من النبوة التي لا يطيقها إلا الذكور الأقويا الكلمة، وكانت العادة قاضية بأن ولد الشيخ يكون ضعيفاً لا سيما إن كان حرثه مع الطعن في السن في أصله غير قابل للزرع أحب أن يصرح له بمطلوبه فقال: ﴿أنّى﴾ أي كيف ومن أين ﴿يكون لي﴾ وعبر بما تدور مادته على الغلبة والقوة زيادة في الكشف فقال: ﴿غلام﴾ وفي تعبيره به في سياق الحصور دليل على أنه في غاية ما يكون من صحة الجسم وقوته اللازم منه شدة الداعية إلى النكاح، وهو مع ذلك يمنع نفسه منه منعاً زائداً على الحد، لما عنده من غلبة لاشهود اللازم منه الإقبال على العبادة بكليته والإعراض عن كل ما يشغل عنها جملة لا سيما النكاح،