﴿من الطين﴾ قال الحرالي: هو متخمر الماء والتراب حيث يصير متهيئاً لقبول وقع الصورة فيه ﴿كهيئة﴾ وهي كيفية وضع أعضاء الصورة بعضها من بعض التي يدركها ظاهر الحس - انتهى وهي الصورة المتهيئة لما يراد منها ﴿الطير﴾ ثم ذكر احتياجه في إحيائه إلى معالجة بقوله معقباً للتصوير: ﴿فأنفخ﴾ قال الحرالي: من النفخ، وهو إرسال الهواء من منبعثه بقوة انتهى. ﴿فيه﴾ أي في ذلك الذي هو مثل الهيئة ﴿فيكون طيراً﴾ أي طائراً بالفعل - كما في قراءة نافع، وذكر المعالجة لئلا يتوهم أنه خالق حقيقة، ثم أكد ذلك إزالة لجميع الشبه بقوله: ﴿بإذن الله﴾ أي بتمكين الملك الأعظم الذي له جميع صفات الكمال، له روح كامل لحمله في الهواء تذكيراً بخلق آدم عليه السلام من تراب، وإشارة إلى أن هذا أعجب من خلق آدمي من أنثى فقط فلا تهلكوا في ذلك.
ولما ذكر ما يشبه أمر آدم عليه السلام أتبعه علاج أجساد أولاده بما يردها إلى معتادها بما يعجز أهل زمانه، وكان الغلب عليهم الطب وبدأ بأجزائها فقال: ﴿وأبرىء﴾ قال الحرالي: من الإبراء