من حالهم منبهاً على ضلالهم بقوله معرضاً عنهم إيذاناً بالغضب: ﴿قل إن الهدى هدى الله﴾ أي المختص بالعظمة وجميع صفات الكمال، أي لا تقدرون على إضلال أحد منا عنه، ولا نقدر على إرشاد أحد منكم إليه إلا بإذنه، ثم وصل به تقريعهم فقال: ﴿أن﴾ بإثبات همزة الإنكار في قراءة ابن كثير، وتقديرها في قراءة غيره، أي أفعلتم الإيمان على الصورة المذكورة خشية أن ﴿يؤتى أحد﴾ أي من طوائف الناس ﴿مثل ما أوتيتم﴾ أي من العلم والهدى الذي كنتم عليه أول الأمر ﴿أو﴾ كراهة أن ﴿يحاجوكم﴾ أي يحاجكم أولئك الذين أوتوا مثل ما أوتيتم ﴿عند ربكم﴾ الذي طال إحسانه إليكم بالشهادة عليكم أنهم آمنوا وكفرتم بعد البيان الواضح فيفضحوكم.
ولما كانت هذه الأية شبيهة بآية البقرة ﴿ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم﴾ [البقرة: ١٠٥] في الحسد على ما أوتي غيرهم من الدين الحق وكالشارحة لها ببيان ما يلبيسونه لقصد الإضلال ختمت بما ختمت به تلك، لكن لما قصد بها