آل عمران: ١٥٩] ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً﴾ [آل عمران: ١٦٩]، ﴿الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح﴾ [آل عمران: ١٧٢]، ﴿يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا﴾ [آل عمران: ٢٠٠]، وكانت قصة أحد قد أسفرت عن أيتام استشهد مورثوهم في حب الله، وكان من أمرهم في الجاهلية منع أمثالهم من الإرث جوراً عن سواء السبيل وضلالاً عن أقوم الدليل؛ جاءت هذه السورة داعية إلى الفضيلتين الباقيتين، وهما العفة والعدل مع تأكيد الخصلتين الأخريين حسبما تدعو إليه المناسبة، وذلك مثمر للتواصل بالإحسان والتعاطف بإصلاح الشأن للاجتماع على طاعة الديان، فمقصودها الأعظم الاجتماع على الدين بالاقتداء بالكتاب المبين، وما أحسن ابتداءها بعموم: ﴿يا أيها الناس﴾ بعد اختتام تلك بخصوص «يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا» الآية.
ولما اشتملت هذه السورة على أنواع كثيرة من التكاليف، منها التعطف على الضعاف بأمور كانوا قد مرنوا على خلافها، فكانت في غاية المشقة على النفوس، وأذن بشدة الاهتمام بها بافتتاح السورة واختتامها بالحث عليها قال: ﴿اتقوا ربكم﴾ أي سيدكم ومولاكم المحسن إليكم بالتربية بعد الإيجاد، بأن تجعلوا بينكم وبين سخطه وقاية، لئلا يعاقبكم بترك إحسانه إليكم فينزل بكم كل بؤس. ابتدأ هذه ببيان