حق من حقوقهن أتبعه تعالى عطفاً على ما تقديره: فإن وثقتم من أنفسكم بالعدل فخالطوهم بالنكاح وغيره: ﴿وإن خفتم﴾ فعبر بأداة الشك حثاً على الورع ﴿ألا تقسطوا﴾ أي تعدلوا ﴿في اليتامى﴾ ووثقتم من أنفسكم بالعدل في غيرهن ﴿فانكحوا﴾.
ولما كانت النساء ناقصات عقلاً وديناً، عبر عنهن بأداة ما لا يعقل إشارة إلى الرفق بهن والتجاوز عنهن فقال: ﴿ما﴾ ولما أفاد أنكحوا الإذن المتضمن للحل، حمل الطيب على اللذيذ المنفك عن النهي السابق ليكون الكلام عاماً مخصوصاً بما يأتي من آية المحرمات من النساء - ولا يحمل الطيب على الحل لئلا يؤدي - مع كونه تكراراً - إلى أن يكون الكلام مجملاً - لأن الحل لم يتقدم علمه، والحمل على العام المخصوص أولى، لأنه حجة في غير محل التخصيص، والمجمل ليس بحجة أصلاً - أفاده الإمام الرازي؛ فقال تعالى: ﴿طاب﴾ أي زال عنه حرج النهي السابق ولذّ، وأتبعه قيداً لا بد منه بقوله: ﴿لكم﴾ وصرح بما علم التزاماً فقال: ﴿من النساء﴾ أي من غيرهن ﴿مثنى وثلاث ورباع﴾ أي حال كون هذا المأذون في نكاحه موزَّعاً هكذا: ثنتين ثنتين وثلاثاً ثلاثاً وأربعاً أربعاً لكل واحد، وهذا الحكم عرف من العطف بالواو، ولو كان بأو لما أفاد التزوج إلا على أحد هذه الوجوه الثلاثة،


الصفحة التالية
Icon