باطناً لا يعرف إلا بالتصرف ولا سيما في المال؛ بدأ سبحانه بتعليم ما يتوصلون به إلى معرفته فقال مصرحاً بالأيتام اهتماماً بأمرهم: ﴿وابتلوا اليتامى﴾ أي اختبروهم في أمر الرشد في الدين والمال في مدة مراهقتهم واجعلوا ذلك دأبكم ﴿حتى إذا بلغوا النكاح﴾ أي وقت الحاجة إليه بالاحتلام أو السن ﴿فإن آنستم﴾ أي علمتم علماً أنتم في عظيم تيقنه كأنكم تبصرونه على وجه تحبونه وتطيب أنفسكم به ﴿منهم﴾ أي عند بلوغه ﴿رشداً﴾ أي بذلك التصرف، ونكره لأن وجود كمال الرشد في أحد يعز وقوعه ﴿فادفعوا إليهم أموالهم﴾ أي لزوال الحاجة إلى الحجر بخوف التبذير، وأضافها إليهم بعد إضافتها أولاً إلى المعطين إشارة إلى أنه لا يستحقها إلا من يحسن التصرف فيها.
ولما كان الإنسان مجبولاً على نقائص منها الطمع وعدم الشبع لا سيما إذا خالط، لا سيما إن حصل له إذن ما؛ أدبه سبحانه بقوله: ﴿ولا تأكلوها﴾ أي بعلة استحقاقكم لذلك بالعمل فيها ﴿إسرافاً﴾ أي مسرفين بالخروج عن القصد في التصرف ووضع الشيء في غير موضعه وإغفال العدل والشفقة ﴿وبداراً﴾ أي مبادرين ﴿أن يكبروا﴾ أي فيأخذوها منكم عند كبرهم فيفوتكم الانتفاع بها، وكأنه عطف


الصفحة التالية
Icon