مقام القذف بما لا حقيقة له فلذلك قال: ﴿بهتاناً وإثماً مبيناً *﴾ أي كذوي بهتان في أخذه وإثم مبين - لكونه لا سبب له - يورث شبهة فيه، ثم غلظ ذلك باستفهام آخر كذلك فقال: ﴿وكيف تأخذونه وقد﴾ أي والحال أنه قد ﴿أفضى﴾ أي بالملامسة ﴿بعضكم إلى بعض﴾ أي فكدتم أن تصيروا جسداً واحداً ﴿وأخذن﴾ أي النساء ﴿منكم﴾ أي بالإفضاء والاتحاد ﴿ميثاقاً غليظاً *﴾ قوياً عظيماً، أي بتقوى الله في المعاشرة بالإحسان وعدم الإساءة، لأن مبنى النكاح على ذلك وإن لم يصرح به فيه.
ولما كرر ذكر الإذن في نكاحهن وما تضمنه منطوقاً مفهوماً، وكان قد تقدم الإذن في نكاح ما طاب من النساء، وكان الطيب شرعاً قد يحمل على الحل؛ مست الحاجة إلى ما يحل منهن لذلك وما يحرم فقال: ﴿ولا تنكحوا﴾ أي تتزوجوا وتجامعوا ﴿ما نكح﴾ أي بمجرد العقد في الحرة، وبالوطء في ملك اليمين ﴿آبآؤكم﴾ وبين ﴿ما﴾ بقوله: ﴿من النساء﴾ أي سواء كانت إماء أو لا، بنكاح أو ملك يمين، وعبر بما دون «من» لما في النساء غالباً من السفه المدني لما لا يعقل.
ولما نهى عن ذلك فنزعت النفوس عما كان قد ألف بهاؤه


الصفحة التالية
Icon