ولما دل على ضلالهم دل على إضلالهم بقوله - معبراً بصيغة المضارع دلالة على عدم توبتهم -: ﴿ويقولون للذين كفروا﴾ ودل بالتعبير بالإشارة دون الخطاب على أنهم يقولون ذلك فيهم حتى في غيبتهم، حيث لا حامل لهم على القول إلا محض الكفر فقال: ﴿هؤلاء﴾ أي الكفرة العابدون للأصنام ﴿أهدى﴾ أي أقوم في الهداية ﴿من الذين آمنوا﴾ أي أوقعوا هذه الحقيقة، فيفهم ذمهم بالتفضيل على الذين يؤمنون ومن فوقهم من باب الأولى ﴿سبيلاً *﴾ مع أن في كتابهم من إبطال الشرك وهدمه وعيب مدانيه وذمه في غير موضع تأكيداً أكيداً وأمراً عظيماً شديداً.
ولما أنتج ذلك خزيهم قال: ﴿أولئك﴾ أي البعداء عن الحضرات الربانية ﴿الذين لعنهم الله﴾ أي طردهم بجميع ما له من صفات الكمال طرداً هم جديرون بأن يختصوا به. ولما كان قصدهم بهذا القول مناصرة المشركين لهم وكان التقدير: فنالوا بذلك اللعن الذل والصغار، عطف عليه قوله: ﴿ومن يلعن الله﴾ أي الملك الذي له الأمر كله منهم ومن غيرهم ﴿فلن تجد له نصيراً *﴾ أي في وقت من الأوقات أصلاً، وكرر التعبير بالاسم الأعظم لأن المقام يقتضيه إشعاراً لتناهي الكفر


الصفحة التالية
Icon