عليه قوله: ﴿وكفى بجهنم سعيراً *﴾ أي توقداً والتهاباً في غاية الإحراق والعسر والإسراع إلى الأذى، وفي آية الطاغوت أنهم سمحوا ببدل الدين - وهو لا أعز منه عند الإنسان - في شهادتهم للكفرة بالهداية، وفي آية الملك الإيماء إلى أنهم في الحضيض من الشح بالخسيس الفاني، وفي آية الحسد أنه لم يكفهم التوطن في حضيض الشح بما أوتوا مع الغنى حتى سفلوا عنه إلى أدنى من ذلك بالحسد لمن آتاه الله ما لا ينقصهم.
ولما أثبت لمن صد عنه النار علله بقوله: ﴿إن الذين كفروا بآياتنا﴾ أي ستروا ما أظهرته عقولهم بسببها ﴿سوف نصليهم﴾ أي بوعيد ثابت وإن طال معه الإمهال ﴿ناراً﴾ ولما كانت النار - على ما نعهده - مفنية ماحقة، استأنف قوله رداً لذلك: ﴿كلما نضجت جلودهم﴾ أي صارت بحرّها إلى حالة اللحم النضيج الذي أدرك أن يؤكل، فصارت كاللحم الميت الذي يكون في الجرح، فلا يحس بالألم ﴿بدَّلناهم﴾ أي جعلنا لهم ﴿جلوداً غيرها﴾ أي غير النضيجة بدلاً منها بأن أعدناها إلى ما كانت عليه قبل تسليط النار عليها،