أي الذي عنده كل شيء ﴿وإلى الرسول﴾ أي الذي تجب طاعته لأجل مرسله مع أنه أكمل الرسل الذين هم أكمل الخلق رسالة، رأيتهم - هكذا كان الأصل، ولكنه أظهر الوصف الذي دل على كذبهم فيما زعموه من الإيمان فقال: ﴿رأيت المنافقين يصدون﴾ أي يعرضون ﴿عنك﴾ وأكد ذلك بقوله: ﴿صدوداً﴾ أي هو في أعلى طبقات الصدود.
ولما تسبب عن هذا تهديدهم، قال - مهولاً لوعيدهم بالإبهام والتعجيب منه بالاستفهام، معلماً بأنهم سيندمون حين لا ينفعهم الندم، ولا يغني عنهم الاعتذار -: ﴿فكيف﴾ أي يكون حالهم ﴿إذا أصابتهم مصيبة﴾ أي عقوبة هائلة ﴿بما قدمت أيديهم﴾ مما ذكرنا ومن غيره.
ولما كان الذي ينبغي أن يكون تناقضهم بعيداً لأن الكذب عند العرب كان شديداً؛ قال: ﴿ثم جاءوك﴾ أي خاضعين بما لينت منهم تلك المصيبة حال كونهم ﴿يحلفون بالله﴾ أي الحاوي لصفات الكمال من الجلال والجمال غير مستحضرين لصفة من صفاته ﴿إن﴾ أي ما ﴿أردنا﴾ أي في جميع أحوالنا وبسائر أفعالنا ﴿إلا إحساناً وتوفيقاً *﴾ أي أن تكون الأمور على الوجه الأحسن والأوفق لما رأينا في ذلك مما خفي على غيرنا - وقد كذبوا في جميع ذلك.


الصفحة التالية
Icon