محط همه في كلتا الحالتين غير المطلوب الدنيوي، ولعله خص الحالة الثانية بالتشبيه لأن ما نسب إليه فيها لا يقتصر عليه محب، وأما الحالة الأولى فربما اقتصر المحب فيها على ذلك قصداً للبقاء لأخذ الثأر ونكال الكفار، وذكر المودة لأن المنافقين كانوا يبالغون في إظهار الود والشفقة والنصيحة للمؤمنين.
ولما بين أن محط حال القاعد عن الجهاد الدنيا، علم أن قصد المجاهد الآخرة، فسبب عن ذلك قوله: ﴿فليقاتل في سبيل الله﴾ أي بسبب تسهيل طريق الملك الذي له الأمر كله وحفظ الناس عليه ﴿الذين يشرون﴾ أي يبيعون برغبة ولجاجة وهم المؤمنون، أو يأخذون وهم المنافقون - استعمالاً للمشترك في مدلوليه ﴿الحياة الدنيا﴾ فيتركونها ﴿بالآخرة﴾ ولما كان التقدير: فإنه من قعد عن الجهاد فقد رضي في الآخرة بالدنيا، عطف عليه قوله: ﴿ومن يقاتل في سبيل الله﴾ أي فيريد إعلاء كلمة الملك المحيط بصفات الجمال والجلال ﴿فيقتل﴾ أي في ذلك الوجه وهو على تلك النية بعد أن يغلب القضاء والقدر على نفسه ﴿أو يغلب﴾ أي الكفار فيسلم ﴿فسوف نؤتيه﴾ أي بوعد لا خلف فيه بما لنا من العظمة المحيطة بالخير والشر، والآية من الاحتباك: