ذكرُ القتل أولاً دليل على السلامة ثانياً، وذكر الغالبية ثانياً دليل على المغلوبية أولاً؛ وربما دل التعبير بسوف على طول عمر المجاهد غالباً خلافاً لما يتوهمه كثير من الناس - إعلاماً بأن المدار على فعل الفاعل المختار، لا على الأسباب ﴿أجراً عظيماً *﴾ أي في الدارين على اجتهاده في إعزاز دين الله سبحانه وتعالى، واقتصاره على هذين القسمين حث على الثبات ولو كان العدو أكثر من الضعف ﴿فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة﴾ [البقرة: ٢٤٩] ﴿والله يؤيد بنصره من يشاء﴾ [آل عمران: ١٣] والله مع الصابرين.
ولما كان التقدير: فما لكم لا تقاتلون في سبيل الله لهذا الأجر الكثير ممن لا يخلف الميعاد، وكانوا يقولون: إنا لا نعطي الميراث إلا لمن يحمي الذمار، ويذب عن الجار، ويمنع الحوزة؛ قال عاطفاً على هذا المقدر ملهباً لهم ومهيجاً، ومبكتاً للقاعدين وموبخاً: ﴿وما﴾ أي وأي شيء ﴿لكم﴾ من دنيا آو آخره حال كونكم ﴿لا تقاتلون﴾ أي تجددون القتال في كل وقت، لا تملونه ﴿في سبيل الله﴾ أي بسبب تسهيل طريق الملك الذي له العظمة الكاملة والغنى المطلق وبسبب خلاص ﴿والمستضعفين﴾ أي المطلوب من الكفار ضعفهم حتى صار موجوداً، ويجوز - وهو أقعد - أي يكون منصوباً


الصفحة التالية
Icon