فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما في السيرة -:
«بئس الميت أبو أمامة ليهود ومنافقي العرب! يقولون: لو كان نبياً لم يمت صاحبه، ولا أملك لنفسي ولا لصاحبي من الله شيئاً». ولما تسبب عن هذا معرفة أنهم أخطؤوا في ذلك، فاستحقوا الإنكار قال منكراً عليهم: ﴿فما﴾ وحقرهم بقوله: ﴿لهؤلاء﴾ وكأنه قال: ﴿القوم﴾ الذي هو دال على القيام والكفاية، إما تهكماً بهم، وإما نسبة لهم إلى قوة الأبدان وضعف المكان ﴿لا يكادون يفقهون﴾ لا يقربون من أن يفهموا ﴿حديثاً *﴾ أي يلقي إليهم أصلاً فهما جيداً.
ولما أجابهم بما هو الحق إيجاداً علمهم ما هو الأدب لماحظة السبب فقال مستأنفاً: ﴿ما أصابك من حسنة﴾ اي نعمة دنيوية أو أخروية ﴿فمن الله﴾ أي إيجاداً وفضلاً، والإيمان أحسن الحسنات، قال الإمام: إنهم يقولون: إنهم اتفقوا على أن قوله ﴿ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله﴾ [فصلت: ٣٣] المراد به كلمة الشهادة ﴿وما أصابك﴾ وأنت خير الخلق ﴿من سيئة﴾ أي بلاء ﴿فمن نفسك﴾ أي بسببها فغيرك بطريق الأولى.