﴿قالوا﴾ معتذرين ﴿كنا مستضعفين في الأرض﴾ أي أرض الكفار، لا نتمكن من إقامة الدين، وكأنهم أطلقوها إشارة إلى أنها عندهم لا تساعها لكثرة الكفار هي الأرض كلها، فكأنه قيل: هل قنع منهم بذك؟ فقيل: لا، لأنهم لم يكونوا ضعفاء عن الهجرة، فكأنه قال: فما قيل لهم؟ فقيل: ﴿قالوا﴾ أي الملائكة بياناً لأنهم لم يكونوا ضعفاء عن الهجرة إلى موضع يأمنون فيه على دينهم ﴿ألم تكن أرض الله﴾ أي المحيط بكل شيء، الذي له كل شيء ﴿واسعة فتهاجروا﴾ أي بسبب اتساعها كل من يعاديكم في الدين ضاربين ﴿فيها﴾ أي إلى حيث يزول عنكم المانع، فالآية من الاحتباك: ذكر الجهاد أولاً في ﴿وفضل الله المجاهدين﴾ [النساء: ٩٥] دليل عى حذفه ثانياً بعد ﴿ظالمي أنفسهم﴾ [النساء: ٩٧]، وذكر الهجرة ثانياً دليل على حذفها أولاً بالقعود عنها، ولذلك خص الطائفة الأولى بوعد الحسنى.
ولما وبخوا على تركهم الهجرة، سبب عنه جزاؤهم فقيل: ﴿فأولئك﴾ أي البعداء من اجتهادهم لأنفسهم ﴿مأواهم جهنم﴾ أي لتركهم الواجب وتكثيرهم سواد الكفار وانبساطهم في