ولما كانوا كأنهم قالوا: فما نفعل؟ قال مخاطباً للرأس المسموع الأمر المجاب الدعاء: ﴿قل﴾ أي لهم ﴿موتوا بغيظكم﴾ أي ازدراء بهم ودعاء عليهم بدوام الغيظ من القهر وزيادته حتى يميتهم. ولما كانوا يحلفون على نفي هذا ليرضوهم قال تعالى مؤكداً لما أخبر به لئلا يظن أنه أريد به غير الحقيقة: ﴿إن الله﴾ أي الجامع لصفات الكامل ﴿عليم بذات الصدور *﴾ أي فلا تظنوا أنه أراد بعض ما يتجوز بالغيظ عنه.
ولما كان ما أخبرت به هذه الجمل من بغضهم وشدة عداوتهم محتاجاً ليصل إلى المشاهدة إلى بيان دل عليه بقوله: ﴿إن تمسسكم﴾ أي مجرد مس ﴿حسنة تسؤهم﴾ ولما كان هذا دليلاً شهودياً ولكنه ليس صريحاً أتبعه الصريح بقوله: ﴿وإن تصبكم﴾ أي بقوة مرها وشدة وقعها وضرها ﴿سيئة يفرحوا بها﴾ ولما كان هذا أمراً مبكتاً غائظاً مؤلماً داواهم بالإشارة إلى النصر مشروطاً بشرط التقوى والصبر فقال: ﴿وإن تصبروا وتتقوا﴾ أي تكونوا من أهل الصبر والتقوى ﴿لا يضركم كيدهم شيئاً﴾ ثم علل ذلك بقوله:


الصفحة التالية
Icon