موضعاً - كما هو شأن من ألقى السلم ودخل في ربقة العبودية، ثم غلبته الشهوة فقصر في بعض أنواع الخدمة. ثم دل على نفوذ أمره بقوله: ﴿لمن يشاء﴾.
ولما كان التقدير: فإن من أشرك به فقد افترى إثماً مبيناً، عطف عليه قوله: ﴿ومن يشرك﴾ أي يوقع هذا الفعل القذر جداً في أي وقت كان من ماض أو حال أو استقبال مداوماً على تجديده ﴿بالله﴾ أي الملك الذي لا نزاع في تفرده بالعظمه لأنه لا خفاء في ذلك عند أحد ﴿فقد ضل﴾ أي ذهب عن السنن الموصل ﴿ضلالاً بعيداً *﴾ لا تمكن سلامة مرتكبه، وطوزى مقدمة الافتراء الذي هو تعمد الكذب، وذكر مقدمة الضلال، لأن معظم السياق للعرب أهل الأوثان والجهل فيهم فاش، بخلاف ما مضى لأهل الكتاب فإن كفرهم عن علم فهو تعمد للكذب.
ولما كان المنافقون هم المقصودين بالذات بهذه الآيات، وكان أكثرهم أهل أوثان؛ ناسب كل المناسبة قوله معللاً لأن الشرك ضلال: ﴿إن﴾ أي ما ﴿يدعون﴾ وما أنسب التعبير لعباد الأوثان عن العبادة بالدعاء إشارة إلى أن كل معبود لا يدعي في الضرورات فيسمع، فعابده أجهل الجهلة. ولما كان كل شيء دونه سبحانه


الصفحة التالية
Icon