لا درك في تحصيله، وأنه إن لم يحصل كان في فواته ضرر، فيسعون في تحصيله، فيضيع عليهم في ذلك الزمانُ، ويرتكبون فيه ما لا يحل من الأهوال والهوان ﴿ويمنيهم﴾ أي يزين لهم تعليق الآمال بما لا يتأتى حصوله، ثم بين ذلك بقوله: ﴿وما﴾ أي والحالة أنه ما ﴿يعدهم﴾ وأظهر في موضع الإضمار تنبيهاً على مزيد النفرة فقال: ﴿الشيطان﴾ أي المحترق البعيد عن الخير ﴿إلا غروراًَ *﴾ أي تزييناً بالباطل خداعاً ومكراً وتلبيساً، إظهاراً - لما لا حقيقة له أو له حقيقة سيئة - في أبهى الحقائق وأشرفها وألذها إلى النفس وأشهاها إلى الطبع، فإن مادة «غر» و «رغ» تدول على الشرف والحسن ورفاهة العيش، فالغرور إزالة ذلك.
ولما أثبت لهم ذلك أنتج بلا شك قوله: ﴿أولئك﴾ أي البعداء من كل خير ﴿مأواهم جهنم﴾ أي تتجهمهم وتتقد عليهم بما اتخذوا من خلق منها ولياً ﴿ولا يجدون عنها محيصاً *﴾ أي موضعاً ما يميلون إليه شيئاً من الميل.
ولما ذكر ما للكافرين ترهيباً أتبعه ما لغيرهم ترغيباً فقال: ﴿والذين آمنوا﴾ أي بوعد لا خلف فيه ﴿جنات تجري﴾


الصفحة التالية
Icon