المشركون يقولون: ﴿نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذبين﴾ [سبأ: ٣٥]، ونحو ذلك - كنا قال العاصي بن وائل لخباب بن الأرت وقد تقاضاه ديناً كان له عليه: دعني إلى تلك الدار فأقضيك مما لي فيها، فوالله لا تكون أنت وصاحبك فيها آثر عند الله مني ولا أعظم حظاً، فأنزل الله في ذلك: ﴿أفرأيت الذي كفر بآياتنا﴾ [مريم: ٧٧] الآيات من آخر مريم، ويقول لهم أهل الكتاب: أنتم أهدى سبيلاً، لما كان ذلك قال تعالى راداً على الفريقين: ﴿ليس﴾ أي ما وعده الله وأوعده ﴿بأمانيكم﴾ أي أيها العرب ﴿ولا أماني أهل الكتاب﴾ أي التي يمنيكم جميعاً بها الشيطان.
ولما اكنت أمانيهم أنهم لا يجازون بأعمالهم الخبيثة، أنتج ذلك لا محالة قوله: ﴿ومن يعمل سوءاً يجز به﴾ أي بالمصائب من الأمراض وغيرها، عاجلاً إن أريد به الخير، وآجلاًَ إن أريد به الشر، وما أحسن إيلاؤها لتمنيه الشيطان المذكورة في قوله ﴿يعدهم ويمنيهم﴾
[النساء: ١٢٠] فيكون الكلام وافياً بكشف عوار شياطين الجن ثم الإنس في غرورهم لمن خف معهم مؤيساً لمن قبل منهم، وما أبدع ختامها بقوله: {ولا