على الكفرة لما لهم في ذلك الزمان من القوة والكثرة ﴿للكافرين﴾ أي سواء كانوا مساترين أو مجاهرين ﴿على المؤمنين﴾ أي كلهم ﴿سبيلاً *﴾ أي بوجه في دنيا ولا آخرة، وهذا تسفيه لآرائهم واستخفاف بعقولهم فكأنه يقول: يا أيها المتربصون بأحباب الله الدوائر، المتمنون لأعدائه النصر - وقد قامت الأدلة على أن العزة جميعاً لله -! ما أضلكم في ظنكم أنه يخذل أولياءه! وما أغلظ أكبادكم! ويدخل في عمومها أنه لا يقتل مسلم بذمي، ولا يملك كافر مال مسلم قهراً؛ ثم بين أن صورتهم في ضربهم الشقة بالوجهين صورة المخادع، وما أضلهم حيث خادعوا من لا يجوز عليه الخداع لعلمه بالخافيا، فقال معاللاً لمنعهم السبيل.
﴿إن المنافقين﴾ لإظهارهم لكل من غلب أنهم منه ﴿يخادعون الله﴾ أي يفعلون بإظهار ما يسر وإبطان ما يضر فعل المخادع مع من له الإحاطة الكاملة بكل شيء لأنه سبحانه وتعالى يستدرجهم من حيث لا يشعرون، وهم يخدعون المؤمنين بإظهار الإيمان وإبطان الكفر ﴿وهو﴾ الذي أمر المؤمنين بما أمرهم فكأنهم يفعلون ذلك معه وهو ﴿خادعهم﴾ باستدراجهم من حيث لا يعلمون، لأنه قادر على أخذهم من مأمنهم وهم ليسوا قادرين على خدعه بوجه ﴿وإذا﴾ أي يخادعونه والحال أنهم قد فضحوا أنفسهم بما أظهر مكرهم للمستبصرين وهو أنهم إذا ﴿قاموا إلى الصلاة﴾ أي المكتوبة ﴿قاموا كسالى﴾


الصفحة التالية
Icon