متقاعسين متثاقلين عادة، لا ينفكون عنها، بحيث يعرف ذلك منهم كل من تأملهم، لأنهم يرون أناه تعب من غير أرب، فالداعي إلى تركها - وهو الراحة - أقوى من الداعي إلى فعلها وهو خوف الناس؛ ثم استأن في جواب من كأنه قال: ما لهم يفعلون ذلك؟ فقال: ﴿يرآءون الناس﴾ أي يفعلون ذلك ليراهم الناس، ليس إلا ليظنوهم مؤمنين، ويريهم الناس لأجل ذلك ما يسرهم من عدهم في عداد المؤمنين لما يرون هم المؤمنين حين يصلون ﴿ولا يذكرون الله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال في الصلاة وغيرها ﴿إلا قليلاً *﴾ أي حيث يتعين ذلك طريقاً لمخادعتهم، يفعلون ذلك حال كونهم ﴿مذبذبين﴾ أي مضطربين كما يضطرب الشيء الخفيف المعلق في الهواء، وحقيقة: الذي يذب عن كلا الجانبين ذباً عظيماً.
ولما كان ما تقدم يدل على إيمانهم تارة وكفرهم أخرى قال: ﴿بين ذلك﴾ أي الإيمان والكفر؛ ولما كان الإيمان يدل على أهله والكفر كذلك قال: ﴿لا إلى﴾ أي لا يجدون سبيلاً مفر إلى ﴿هؤلاء﴾ أي المؤمنين ﴿ولا إلى هؤلاء﴾ أي الكافرين؛ ولما كان التقدير! لأن الله أضلهم، بنى عليه قوله: ﴿ومن يضلل الله﴾ أي


الصفحة التالية
Icon