وأما الغريب فخذوا منه إن أحببتم؛ فقد ثبت من توراتهم النهيُ عن الربا، وأما تخصيصه بالغريب فتبديل منهم بلا ريب، بدليل ما قدمته عنها في البقرة عند قوله تعالى: ﴿إن الذين آمنوا والذين هادوا﴾ [البقرة: ٦٢] من النهي عن غدر العدو، وعند قوله تعالى: ﴿لا تعبدون إلا الله﴾ [البقرة: ٨٣] من الإحسان إلى عامة الناس لا سيما الغريب - والله الموفق.
ولما بين تعالى ما للمطبوع على قلوبهم الغريقين في الكفر من العقاب، بين ما لنّيري البصائر بالرسوخ في العلم والإيمان من الثواب فقال: ﴿لكن الراسخون في العلم منهم﴾ أي الذي هيئت قلوبهم في أصل الخلقة لقبول العلم فأبعد عنها الطبع، وجلت الحكمة، ورسخت بالرحمة، فامتلأت من نور العلم، وتمكنت بأنس الإيمان.
ولما ذكر نعت العلم المفيد لجميع الفضائل أبتعه ما نشأ عنه فقال: ﴿والمؤمنون﴾ أي الذين هيئوا للإيمان ودخلوا فيه، فصار لهم خلقاً لازماً، منهم ومن غيرهم ﴿يؤمنون﴾ أي يجددون الإيمان في كل لحظة ﴿بما أنزل إليك﴾ لأنهم أعرف الناس بأنه حق {وما أنزل من


الصفحة التالية
Icon