ثم عظم أمرهم بقوله: ﴿من الملائكة﴾ ثم زاد في إعظامهم بأنهم من السماء بقوله: ﴿منزلين *﴾ ثم تولى سبحانه وتعالى هو الجواب عنهم تحقيقاً للكفاية فقال: ﴿بلى﴾ أي يكفيكم ذلك، ثم استأنف قوله: ﴿إن تصبروا وتتقوا﴾ أي توقعوا الصبر والتقوى لله ربكم، فتفعلوا ما يرضيه وتنتهوا عما يسخطه ﴿ويأتوكم﴾ أي الكفار ﴿من فورهم﴾ أي وقتهم، استعير للسرعة التي لا تردد فيها، من: فارت القدر - إذا غلت ﴿هذا﴾ أي في هذه الكرة ﴿يمددكم﴾ أي إمداداً جلياً - بما أشار إليه إشارة لفظية: الفك، وإشارة معنوية: التسويم ﴿ربكم﴾ أي المحسن إليكم بأكثر من ذلك ﴿بخمسة آلاف من الملائكة﴾ ثم بين أنهم من أعيان الملائكة بقوله: ﴿مسومين *﴾ أي معلمين بما يعرف به مقامهم في الحرب، والظاهر من التعبير بالتسويم إفهام القتال، ومن الاقتصار على الإنزال عدمه، ويكون فائدة نزولهم البركة بهم وإرهاب الكفار بمن يرونه منهم.
قال البغوي: قال ابن عباس ومجاهد: لم يقاتل الملائكة في المعركة إلا يوم بدر، وفيما سوى ذلك يشهدون القتال ولا يقاتلون، إنما يكونون عدداً ومدداً.
ولما كان التقدير: وليس الإمداد بهم موجود للنصر، وكان قد قدم في أول السورة قوله: ﴿والله يؤيد بنصره من يشاء﴾ [آل عمران: ١٣] قال هنا